فيتنام: التضحيات الهائلة

مقدمة: 

فيتنام دولة في جنوب شرق آسيا، غنية بالأعراق والأديان والثقافات. تتميز بتاريخها وحضارتها العريقة، وهي من أهم الوجهات السياحية العالمية. يشهد اقتصادها نموًا سريعًا في الوقت الحالي. للإسلام وجود قديم وأصيل في فيتنام، حيث كانت للمسلمين مملكة قوية في القرن العاشر الميلادي.

الموقع والمناخ: 

تقع فيتنام في الجزء الشرقي من شبه جزيرة الهند الصينية. تحدها الصين من الشمال، ولاوس وكمبوديا من الغرب، وبحر الصين الجنوبي من الشرق. مساحتها 331,210 كم2. المناخ دافئ معظم أيام السنة، مع فصلين رئيسيين: صيف حار مطير، وشتاء بارد جاف.

السكان والثقافة:

 يبلغ عدد السكان حوالي 104 مليون نسمة. يتكون المجتمع من 54 عرقًا مختلفًا، أهمها الفيت (85.7%). اللغة الرسمية هي الفيتنامية. تتميز الثقافة الفيتنامية بتأثرها بالثقافة الصينية والفرنسية، مع الحفاظ على بعض العناصر التقليدية مثل تبجيل الأسلاف واحترام القيم العائلية.

الواقع الديني: 

فيتنام دولة شيوعية ملحدة رسميًا. يمارس حوالي 45.3% من السكان ما يسمى بالدين الشعبي. البوذية هي أكبر الديانات بنسبة 7.4%. الإسلام أقلية صغيرة تشكل حوالي 0.1% من السكان (حوالي 104,000 نسمة).

الواقع السياسي:

 نظام الحكم جمهوري تحت سيطرة الحزب الشيوعي. تأسست الجمهورية الاشتراكية الفيتنامية عام 1976 بعد توحيد شطري البلاد. الحريات السياسية والدينية مقيدة بشدة، حيث حصلت فيتنام على 19 نقطة من أصل 100 في مؤشر الحرية.

الواقع الاقتصادي:

 يعد اقتصاد فيتنام من أسرع الاقتصادات نموًا في العالم. بلغ الناتج المحلي الإجمالي 798.21 مليار دولار في عام 2020. تعتمد البلاد بشكل كبير على الصادرات، خاصة في قطاعات الإنتاج الصناعي والمنسوجات والإلكترونيات.

الواقع الصحي:

 تحتل فيتنام المرتبة 62 عالميًا على مؤشر الرعاية الصحية. يواجه النظام الصحي تحديات مثل الاكتظاظ في المستشفيات ونقص الأطباء. من الأمراض المنتشرة: الشيكونغونيا، التهاب الدماغ الياباني، السل، داء الكَلَب، وحُمَّى التيفوئيد.

الواقع التعليمي:

 يتميز النظام التعليمي بالتقدم والجودة العالية. التعليم الابتدائي والإعدادي إلزامي ومجاني. بلغت نسبة معرفة القراءة والكتابة 95% عام 2018.

الواقع الإسلامي: 

دخل الإسلام إلى فيتنام في أواخر القرن العاشر الميلادي. معظم المسلمين من عرقية التشام. يواجه المسلمون تحديات عديدة منها:

1. الفقر والتهميش الاقتصادي والاجتماعي.

2. القيود الحكومية على الأنشطة الدينية.

3. ضعف التعليم الإسلامي وقلة المدارس والمراكز الإسلامية.

4. صعوبة الحصول على الطعام الحلال.

5. العزلة عن العالم الإسلامي.

6. الجهل بالأحكام الشرعية وضعف الهوية الإسلامية.

يوجد في فيتنام حوالي 64 مسجدًا. المركز الإسلامي في فيتنام هو الممثل الرسمي الوحيد للمسلمين والمعترف به من قبل الحكومة.

المحتوى الدعوي:

 يعاني المحتوى الدعوي باللغة الفيتنامية من ضعف شديد. هناك عدد محدود من ترجمات معاني القرآن الكريم والكتب الدعوية. تم رصد 6 ترجمات لمعاني القرآن الكريم، و11 ترجمة لكتب الحديث والسنة النبوية، بالإضافة إلى عدد من الكتب الدعوية في مجالات مختلفة.

التحديات والاحتياجات:

1. عزلة المسلمين الفيتناميين عن العالم الإسلامي.

2. قلة الدعاة والمدرسين المؤهلين.

3. ضعف التعليم الإسلامي وعدم وجود مدارس إسلامية.

4. الفقر وتدني المستوى المعيشي للمسلمين.

5. القيود الحكومية على الأنشطة الإسلامية والمساعدات الخارجية.

6. صعوبة الحصول على تراخيص للعمل الدعوي والخيري.

المبادرات والمشاريع المقترحة:

1. مبادرة مد الجسور: تهدف إلى فتح الطريق أمام الدعوة في فيتنام من خلال التعاون مع الجهات الدبلوماسية الإسلامية.

2. مشروع طلبة العلم في الخارج: يهدف لتخصيص منح دراسية لأبناء فيتنام المقيمين في الخارج للدراسة في الجامعات الإسلامية.

3. مشروع التعليم الإسلامي: يهدف لتأسيس مراكز ومدارس إسلامية في المدن الكبرى.

4. مشروع الوقف الإسلامي: يهدف إلى إنشاء أوقاف داخل فيتنام لدعم المحتاجين والمشاريع الدعوية.

5. مشروع تشغيل اليد العاملة المسلمة: يهدف إلى توفير فرص عمل للمسلمين من خلال إنشاء مشاريع ربحية متنوعة.

التوصيات:

1. العمل على مد جسور التواصل مع المسلمين في فيتنام وكسر عزلتهم.

2. السعي للحصول على تراخيص للعمل الدعوي والخيري من خلال التعاون مع البعثات الدبلوماسية الإسلامية.

3. تركيز الجهود على التعليم الإسلامي وتأهيل الدعاة المحليين.

4. تطوير المحتوى الدعوي باللغة الفيتنامية وزيادة عدد الترجمات للكتب الإسلامية.

5. العمل على تحسين الوضع الاقتصادي للمسلمين من خلال المشاريع التنموية.

6. تعزيز الهوية الإسلامية والوعي الديني بين المسلمين، خاصة الأجيال الجديدة.

7. العمل على توحيد جهود المسلمين وتقوية الروابط بينهم.

8. الاستفادة من الانفتاح النسبي الحالي لتحسين أوضاع المسلمين على كافة المستويات.

خاتمة: 

رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها المسلمون في فيتنام، إلا أن هناك فرصًا للتحسين في ظل الانفتاح النسبي الحالي. يجب على الجهات الدعوية والخيرية الإسلامية في العالم استغلال هذه الفرصة لتقديم الدعم والمساعدة للمسلمين في فيتنام، مع مراعاة الأوضاع الداخلية للبلد والعمل من خلال القنوات الرسمية. إن تحسين أوضاع المسلمين في فيتنام سيعود بالنفع على المجتمع الفيتنامي ككل ويساهم في تعزيز التعايش والتفاهم بين مختلف مكونات المجتمع.