النرويج طريق الشمال

النرويج دولة إسكندنافية تتمتع باستقرار سياسي واجتماعي و اقتصادي، وتمتلك كثيرآ من الموارد الطبيعية و الثروات الباطنية و الغابات و المعادن، وقد نشط اقتصادها فى الربع الأخير من القرن العشرين: بعد اكتشاف النفط و الغاز الطبيعي فى بحارها، وهي اليوم ثالث أغنى بلد في العالم من حيث القيمة و النقدية.

15/01/2024 17 0

مقدمة:

 النرويج دولة إسكندنافية تقع في شمال أوروبا، تتمتع باستقرار سياسي واقتصادي واجتماعي. نظام الحكم فيها ملكي دستوري وراثي، وعاصمتها أوسلو. تبلغ مساحتها 323,802 كم2، ويبلغ عدد سكانها حوالي 5.6 مليون نسمة. تعتبر من أغنى دول العالم وتحتل المرتبة الثالثة عالمياً من حيث الثراء.

الموقع والمناخ:

 تقع النرويج في الجزء الشمالي من قارة أوروبا، وتحتل الركن الغربي من شبه الجزيرة الإسكندنافية. يحدها بحر الشمال وخليج سكاجيراك من الجنوب، والمحيط الأطلسي من الغرب، وبحر بارنتس وفنلندا وروسيا من الشمال الشرقي، والسويد من الشرق. المناخ في النرويج بارد شبه قطبي في المناطق الشمالية، ومعتدل ممطر في المناطق الجنوبية. تتميز بتضاريس متنوعة تشمل الجبال والأنهار والأنهار الجليدية.

الاقتصاد:

 يعتمد اقتصاد النرويج بشكل كبير على الموارد الطبيعية، خاصة النفط والغاز. كما تمتلك ثروات معدنية وغابات وثروة سمكية كبيرة. بلغ الناتج المحلي الإجمالي للنرويج 342.06 مليار دولار عام 2020، ومعدل الدخل الفردي السنوي 63,600 دولار. تعتبر النرويج خامس مصدر للنفط في العالم، وقد أنشأت صندوق ثروة سيادياً لحماية اقتصادها من تقلبات أسواق النفط. تعتمد النرويج بشكل كبير على مصادر الطاقة المتجددة لإنتاج الكهرباء، حيث بلغت نسبة الاعتماد على هذه المصادر 98% عام 2020.

السكان والثقافة:

غالبية سكان النرويج (81.5%) من أصل جرماني شمالي. اللغة الرسمية هي النرويجية، وهناك لهجتان رئيسيتان هما البوكمول والنينورسك. تتميز الثقافة النرويجية بتأثرها بالطبيعة وتاريخ الفايكنج، كما تشتهر بثقافة "دغناد" التي تعني المساعدة والعمل التطوعي. تعتبر النرويج من أقل الدول الأوروبية كثافة سكانية، ويتركز معظم السكان في الجنوب حيث المناخ أكثر اعتدالاً.

الواقع الديني:

 الديانة الرئيسية في النرويج هي المسيحية البروتستانتية (الإنجيلية اللوثرية) بنسبة 67.5%، يليها الإسلام كثاني أكبر ديانة بنسبة 3.1%. يقدر عدد المسلمين بحوالي 173 ألف نسمة. معظم المسلمين من المهاجرين، وأصولهم متنوعة (باكستانيون، أتراك، بوسنيون، عرب). بدأ دخول الإسلام إلى النرويج بشكل ملحوظ في أوائل ستينيات القرن العشرين مع وصول العمال المهاجرين.

تعترف حكومة النرويج بالإسلام منذ عام 1969، وتسمح بتدريس اللغة العربية في مدارسها، كما تقدم الدعم المالي للكثير من المساجد والمراكز الإسلامية. يتمتع المسلمون بحرية ممارسة شعائرهم الدينية، لكنهم يواجهون بعض التحديات مثل الإسلاموفوبيا والتمييز.

الواقع السياسي:

 النرويج دولة ديمقراطية تتمتع بحرية سياسية عالية. يحكمها نظام ملكي دستوري، حيث يقوم الملك باختيار الحكومة بعد موافقة البرلمان. تنقسم السلطات إلى تنفيذية (الملك ومجلس الوزراء)، وتشريعية (البرلمان)، وقضائية. حصلت النرويج على استقلالها الكامل عن السويد عام 1905.

يتمتع المسلمون النرويجيون بحقوق مدنية متساوية مع غيرهم، ويشاركون في الحياة السياسية. يميل المسلمون في الغالب إلى التصويت للأحزاب اليسارية التي تدعو للمساواة ونبذ العنصرية.

التعليم والصحة: يتميز النظام التعليمي في النرويج بتقدمه وجودته العالية. التعليم الابتدائي والإعدادي إلزامي، ومعدل معرفة القراءة والكتابة 100%. التعليم مدعوم من الدولة لضمان المساواة في الوصول للتعليم للجميع.

في مجال الصحة، تتمتع النرويج بنظام رعاية صحية شامل وعالي الجودة، مع تغطية صحية تشمل معظم السكان. يبلغ الإنفاق على الرعاية الصحية حوالي 6,647 دولاراً أمريكياً للفرد في السنة، وهو من بين أعلى المعدلات في العالم.

الواقع الإسلامي:

 يواجه المسلمون في النرويج عدة تحديات، أهمها:

  1. الإسلاموفوبيا والتمييز العنصري.

  2. الجهل بالأحكام الشرعية، خاصة بين الأجيال الجديدة.

  3. ضعف الهوية الإسلامية وخطر الانسلاخ عن الدين.

  4. نقص الدعاة المؤهلين والمحتوى الدعوي باللغة النرويجية.

  5. عدم وجود مدارس إسلامية ابتدائية.

  6. صعوبات في الحصول على عمل بسبب التمييز.

  7. تحديات اقتصادية، خاصة للمهاجرين من العراق والصومال.

رغم هذه التحديات، يوجد العديد من المساجد والمراكز الإسلامية في البلاد. أنشئ أول مسجد في مدينة أوسلو عام 1974، وحالياً تضم أوسلو أكثر من 30 جمعية ومسجداً.

المحتوى الدعوي: يعاني المحتوى الدعوي باللغة النرويجية من ضعف شديد. هناك عدد محدود من ترجمات معاني القرآن الكريم والكتب الدعوية. كما أن هناك نقصاً في ترجمات السنة النبوية، حيث لم يتم العثور سوى على ترجمة للأربعين النووية. تتركز الكتب الدعوية المتوفرة في مجالات العقيدة والدروس والخطب وسيرة النبي ﷺ.

المبادرات والمشاريع المقترحة:

  1. مشروع التعريف بالإسلام: يهدف إلى نشر الوعي بحقيقة الإسلام ومكافحة الإسلاموفوبيا من خلال وسائل الإعلام المختلفة، وإنشاء قنوات فضائية وقنوات يوتيوب، والمشاركة في الصحف والبرامج التلفزيونية.

  2. مبادرة دعم التعليم الإسلامي: تهدف إلى العمل على تأسيس مدارس إسلامية من خلال التنسيق مع الجهات الحقوقية واستثمار الحالة القانونية المساندة للتعددية.

  3. مبادرة توحيد الجهود الدعوية: تشجيع المؤسسات الإسلامية على التنسيق وتوحيد جهودها من خلال إنشاء مجلس أعلى لتنسيق وتنظيم البرامج والأنشطة الدعوية.

  4. مشروع تعزيز القيم والتوعية الدينية: يهدف إلى نشر التعاليم الإسلامية بين الجيل الناشئ من خلال تأسيس مواقع إسلامية جاذبة، وتكثيف الأنشطة التوعوية كالندوات والمحاضرات.

  5. مشروع إنما المؤمنون إخوة: يهدف إلى تقوية الروابط بين المسلمين من مختلف الجنسيات من خلال عقد أنشطة اجتماعية وثقافية وترفيهية مشتركة.

  6. المشروع الاقتصادي: يهدف إلى تحسين الوضع الاقتصادي للمسلمين من خلال تأسيس مشاريع واستثمارات تجارية.

  7. مشروع علاج آفات المجتمع: يهدف إلى معالجة المشكلات الاجتماعية في المجتمع النرويجي من منظور إسلامي، بالتنسيق مع الجمعيات الخيرية.

  8. مشروع المكتبة الإسلامية: إنشاء مكتبة إسلامية شاملة بمختلف اللغات، تكون متاحة بشكل ورقي وإلكتروني.

التوصيات:

  1. تكثيف الجهود الإسلامية لدعم المسلمين في النرويج.

  2. العمل على ترسيخ الهوية الإسلامية، خاصة لدى الأجيال الجديدة.

  3. مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا والتمييز ضد المسلمين.

  4. تطوير المحتوى الدعوي باللغة النرويجية.

  5. تعزيز التعاون بين المؤسسات والمراكز الإسلامية في النرويج.

  6. العمل على التعريف بالإسلام بشكل أوسع في المجتمع النرويجي.

  7. دعم مشاريع التعليم الإسلامي والمدارس الإسلامية.

  8. تأهيل دعاة قادرين على التواصل مع المجتمع النرويجي.

خاتمة:

 تظهر أهمية تكثيف الجهود الإسلامية في النرويج لدعم المسلمين وترسيخ هويتهم، ومواجهة التحديات التي يواجهونها، خاصة الإسلاموفوبيا. كما أن هناك حاجة ملحة للتعريف بالإسلام على نطاق واسع في المجتمع النرويجي، سواء بهدف دعوة غير المسلمين أو تصحيح الصورة النمطية عن الإسلام.

إن تنفيذ المبادرات والمشاريع المقترحة قد يساهم بشكل كبير في تحسين وضع المسلمين وتعزيز حضورهم الإيجابي في المجتمع النرويجي. كما أن العمل على توحيد جهود المؤسسات الإسلامية وتطوير المحتوى الدعوي باللغة النرويجية سيكون له أثر كبير في تعزيز الهوية الإسلامية ونشر الوعي الديني بين المسلمين.

في النهاية، يجب التأكيد على أهمية التواصل الإيجابي مع المجتمع النرويجي والمشاركة الفعالة في الحياة العامة، مع الحفاظ على الهوية الإسلامية. هذا التوازن سيساعد في بناء جسور التفاهم والتعايش بين المسلمين وغيرهم في المجتمع النرويجي، ويساهم في تحقيق الاندماج الإيجابي دون التفريط في القيم والمبادئ الإسلامية.